شاهدت الجزئين من مسلسل البحث عن علا وكان تركيزي خلال الحلقات على مشروعها وتطوره أكثر من التفاصيل الاجتماعية والعاطفية الموجودة في المسلسل، وبذلك تبادر لذهني كتابة بعض الأفكار التي لاحظتها خلال عرض المسلسل وإدارتها لمشروعها، وأود مشاركتها معك.
التحديات هي من تصنع مشروع المرأة الناجح
يظن العديد أن البدء بمشروع خاص يجب أن يكون ذلك الحلم الوردي الذي يرافق المرأة منذ طفولتها وتسعى سنوات طويلة لتحقيقه، لكن الواقع مختلف، فغالبية المشاريع هي وليدة الظروف والتحديات الصعبة التي تواجه أصحابها، وبسبب هذه الظروف الصعبة تتشكل شخصية مختلفة للمرأة ، مما يخلق فيها روح جديدة للسعي والنضال من أجل فكرتها وقوانينها وقيمها الخاصة في مشروعها.
لو فكرت الآن بمشروعك فستدركين أنه كان وليد تحدي واجهتيه، فكل تحدي يغير الكثير في شخصيتك وهذا لمصلحة واستمرارية مشروعك.
ليس كل منتج سهل تسويقه وبيعه
بدؤك بمشروع ريادي يعني أنك تصنعين أو تبيعين منتج فريد ومميز ويلبي بالطبع حاجة فئة معينة موجودة بالسوق، لكن هل تميز منتجك وحاجة السوق له يكفي للبيع؟ للأسف، لا، فالمنتجات المميزة والنادرة تحتاج جهد تسويقي مضاعف للوصول والترويج للعملاء، والصعوبات تكون كبيرة جدا من ناحية الإنتاج والتسويق.
كما شاهدنا في منتجات التجميل الطبيعية التي تقدمها علا، واجهتها العديد من التحديات المتعلقة أولا بالإنتاج من ناحية قلة توفر المواد الأولية ذات الجودة العالية، وكذلك المواصفات العالية للتخزين التي تحتاجها هذه المنتجات.
وثانيا واجهت التحدي الذي يواجه العديد من المشاريع الريادية، وهو أن ردود الأفعال على المنتج ممتازة جدا ورضى العملاء مرتفع، ولكن البيع قليل! وبذلك تكون المشكلة الرئيسية هي صعوبة الوصول للجمهور المستهدف، بسبب امتلاء وتوفر بدائل صناعية بكميات كبيرة بالسوق وبسعر أقل بكثير.
التوسع ورفض العروض المغرية
عند ازدهار مشروعك، وانتشار علامتك التجارية بسمعة ممتازة داخل السوق، ستستقبلين العديد من عروض الاستثمار التي من شأنها بالطبع أن تأخذ مشروعك لمرحلة متقدمة جدا، لكن هناك تساؤلين يجب عليك التفكير بهما قبل أي خطوة نحو الحصول على الاستثمار:
أولا: هل فعلا تودين تكبير مشروعك وزيادة السرعة فيه؟
الاستثمار لا يعني فقط أن يتم ضخ أموال طائلة داخل المشروع، سيرافق ذلك أيضا توظيف فرق تشغيلية، والتوسع لأسواق جديدة، وقرارات تميل للربحية أكثر، وتحول المشروع لشيء أكبر من سيطرتك.
ثانياً: هل أنت مستعدة لبعض التغيير في قيم وثوابت المنتجات والمشروع؟
علا رفضت عرض استثمار ممتاز جدا من ناحية البزنس والسوق وذلك لأنها رفضت التغيير في أساس وقيم المنتج نفسه، مثل احتوائه على المواد الطبيعية فقط، كما رفضت طرق التسويق التي يود المستثمر اتباعها، والتي تعتمد على إظهار نقاط عدم الأمان في جمال المرأة ووجها، لدفعها لشراء المنتجات وبالتالي تحقيق بيع وربح أكثر (مثل منتجات تبييض البشرة).
أكذوبة التوازن بين البزنس والأسرة
نعم أؤمن إيمانا قاطعا أن التوازن هو أكذوبة مجتمعية للضغط أكثر على المرأة وتحميلها مشاعر الذنب، من وجهة نظري، أشبه علاقة البزنس والحياة الخاصة بالموجة وليست بالميزان.
فهذا الميزان لا يمكن معادلة كفتيه ليوم واحد فقط! ولكن يمكن التعامل معه كموجة تتحرك هذه الموجة حسب الظروف، فبعض الأوقات تكون الموجة باتجاه العمل أكثر، وبوقت آخر تسحبك باتجاه الحياة الأسرية والاجتماعية أكثر، المشكلة الأساسية للمرأة هي محاولتها المستميتة والمستمرة لمقاومة هذه الموجة، كما حصل مع علا... فمقاومة الموجة يولد ضغطا وتوترا متسمرين وعدم التركيز لا أكثر.
التسويق لمشروعك يبدأ منك
استخدمت علا منتجاتها وأهدتها لعائلتها وصديقاتها، حتى قبل البدء بالمشروع! وكذلك استمرت بإهداء هذه المنتجات خلال مراحل تطوير المشروع، وهذا إن دلّ على شيء، فهو يدلّ على ثقة علا بمنتجاتها وسعيها لتحقيق هدفها في أن تمتلكه كل امرأة.
اهدي منتجاتك لمعارفك وصديقاتك بدل من شراء هدايا عادية لهم، وقومي بتوزيع عينات خلال لقاءات الأعمال والجلسات الاجتماعية، سيساعد هذا بالطبع على انتشار المشروع، والأهم أن الهدية والعينة ستبني طابع ثقة وكرم لك ولعلامتك الشخصية.
يمكنك إدارة مشروعك بعاطفة ومشاعر
الإنسان هو مجموعة من المشاعر والعواطف، والقصص، والذكريات، والعلاقات. ومشروعك وقراراتك تجاه مشروعك هو أنت، لذلك هناك العديد من القرارات التي نقوم بها خلال مسيرة المشروع تكون عاطفية، وهذا لا يعيب صاحب المشروع ولا القرار.
قرر كريم إبقاء ممتلكات والده بعد وفاته والاستثمار فيها أيضا، بعدما شاهد العمال يشربون الشاي بجلسة بسيطة وجميلة بعد يوم طويل من العمل، في هذه اللحظة أدرك أن الأرض والمكان هي حكايات وأرزاق للبشر.
مع العلم أن راحته وربحيته ستكون بالطبع أكثر في حال باع كل الممتلكات واستثمرها بمشروعه الآخر في فرنسا، لكنه قرر عاطفيا الإبقاء عليها والاستثمار بها.
الفرص بالحياة متوفرة، ولكن الذكي من يلتقطها
لفتتني كما لفتتك أيضا ملابس علا وتحديدا (الكيمونو) التي كانت تظهر بها في المشاهد، هل تعلمين أن هذه القطع كلها أصبحت مشروعا حقيقيا لها خارج المسلسل؟
بعد الجزء الأول، وردود الأفعال والسؤال عن القطع التي كانت ترتديها، قامت هند صبري بالإشارة للمصممة، وأخذت النساء بالتواصل مع المصممة والمطالبة بعرض القطع بالسوق، فقامت هند والمصممة بعمل شراكة وأسسوا علامة تجارية مستوحاة من شخصية علا في المسلسل.
نعم الفرص موجودة دائما أمامك لكن هل التقطيها؟
أخيرا ما مرت به علا تمر به الكثير من صاحبات المشاريع بشكل يومي، ويحتاج منهن التعامل مع هذه التحديات بكثير من الصبر والتفهم للعواطف والمشاعر التي يشعرن بها، في رحلتي كمستشارة لصاحبات المشاريع الريادية، أؤمن أن لكل صاحبة مشروع الحق والمصلحة بأن يكون مشروعها إضافة إيجابية وجميلة لحياتها وألا يكون مصدرا للتهديد والندم والشعور بالذنب تجاه نفسها وأسرتها.
